ذهبية ونحوه/ [١٤٥/ل].
والفاعل لذلك عند الجمهور هو الله-عز وجل-والصانع كاسب فلم يبق للمنع من إمكان ذلك وجه.
ومن زعم أن الكيمياء خلق الذهب والفضة أو غيرهما وذلك محال من غير الله-عز وجل-فقد وهم، وإنما هي كما ذكرنا نقل صورة إلى غيرها من الأعيان لا خلق مادة واختراعها، غير أن الاشتغال في الكيمياء قطع وقت عتيد في طلب أمر بعيد، وذلك جهل شديد، وهذه المسألة وإن لم تكن مشهورة من أصول الدين لكنها ذكرت في سياق ما يناسبها من المسخ، وكلاهما يتعلق بأفعال الله-عز وجل-وهي مندرجة تحت أركان أصول الدين كما ذكرناه قبل أن الكلام في الله-عز وجل-إما [في الذات] أو الصفات أو الأفعال.
﴿* يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ (٦٧) [المائدة: ٦٧] عام مطرد في الأمر بتبليغ كل ما أنزل عليه، وقد فعل ذلك صلّى الله عليه وسلّم، فمن زعم أنه كتم شيئا من القرآن فقد كذب، أما كونه يؤخر التبليغ أو البيان لمصلحة إما يوحي أو اجتهاد، فذلك جائز.
﴿*يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ﴾ [المائدة: ٦٧] أورد بعضهم أن هذا الكلام تضمن إيجاد الشرط والمشروط؛ إذ التقدير: بلغ رسالات ربك، فإن لم تبلغها فما بلغتها، وظاهره غير مفيد.
وجوابه: أن المعنى: وإن لم تبلغها فحكمك حكم من أمر بالتبليغ فلم يفعل، أو: وإن لم تبلغها فقد خالفت أو استحققت الوعيد ونحو ذلك، ولكن الله-عز وجل-أكرم نبيه عن التصريح بكلام مزعج، فعرض له تعريضا، وأفهمه المقصود من [لفظ يتضمنه] أو يرادفه نحو: ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى﴾ (١) [عبس: ١] بلفظ الماضي المسند إلى غائب، ولم يقل:
عبست وتوليت إذا جاءك الأعمى، كل ذلك إكراما بالتلطف في خطابه صلّى الله عليه وسلّم.
قوله عز وجل-: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ اِبْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النّارُ وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ﴾ (٧٢) [المائدة: ٧٢] سبق القول في هذا.