[١٥٥/ل] مشهور، حتى صار الواقف على السماوات يعرف بذلك أنه من مثبتي الجهة، والأشبه من حيث المعنى عدم الوقف عليه كقوله-عز وجل- ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ (٨٤) [الزخرف: ٨٤].
﴿وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ﴾ (٩) [الأنعام: ٩] زعم بعضهم أن المسيح كان ملكا في هيكل بشر إلباسا على الناس، حتى ضلت فيه النصارى. قال: وهذه الآية تشير إلى ذلك، وهذا قول مشتق من قول النصارى؛ لأن أولئك جعلوا الحلول فيه للاهوت وهذا نزل درجة، وجعله للملك.
ثم يحتج بالآية على المعتزلة في أن الله-عز وجل-هو الذي يهدي ويضل؛ لأنه أخبر أنه لو أجاب الكفار إلى سؤالهم لما نفعهم ذلك في الهداية، مع إلباسه وتشبيهه عليهم.
﴿قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٢) [الأنعام: ١٢] هذا إخبار بالبعث، وبرهانه في مواضع أخر تذكر إن شاء الله عز وجل.
﴿وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (١٣) [الأنعام: ١٣] أي: وتحرك، فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر؛ لدلالته عليه بالالتزام، ولعل فيه إشارة إلى دليل حدوث العالم، وتقريره أن كل ما اشتمل عليه الليل والنهار فهو إما ساكن، وإما متحرك وكل ما كان إما ساكنا وإما متحركا فهو حادث، فكل ما اشتمل عليه الليل والنهار حادث.
أما الأولى: فواضحة لاستحالة خلق شيء مما اشتملا عليه من الحركة والسكون، إن كان جوهرا فبالذات، وإن كان عرضا فبالعرض، كالجوهر واللون القائم به.
وأما الثانية: فلأن الحركة والسكون من أمارات الحدوث كما عرف.
﴿وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ (١٨) [الأنعام: ١٨] احتج بها أصحاب الجهة حملا له على الفوقية الحسية، وحمله الآخرون [وهم كافة أهل الحق] / [٧٣ ب/م] على الفوقية المعنوية، نحو قولهم: الملك فوق الوزير، أي: في الرتبة، وفوقية الله -عز وجل-بالرتبة والقدرة والكمال إذ هو قديم قادر كامل، ومن سواه حادث عاجز ناقص، وفي المسألة مباحث أخر.