داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) [الأنعام: ٨٤] أي: ومن ذرية إبراهيم: ﴿داوُدَ وَسُلَيْمانَ﴾ إلى ﴿وَزَكَرِيّا وَيَحْيى وَعِيسى﴾ هذا يرد على اليهود دعواهم السابقة: أن النسب في شرع التوراة لا يلحق من جهة الأم، حتى زعموا أن المسيح ليس هو ابن داود، وذلك لأن القرآن شرك بين عيسى وسائر النبيين المذكورين معه في كونهم من ذرية إبراهيم مع أن عيسى (انتمى) إليه من جهة أمه، فدل على بطلان دعوى اليهود، اللهم إلا أن يريدوا أن العصوبة لا تثبت من جهة الأم فهذا نعم؛ لأن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود إنما هم أجداد المسيح لأمه، وليسوا بعصبة، وليعلم أن أيوب ذكر في هؤلاء النبيين الذين هم من ذرية إبراهيم، مع أن أيوب ليس من بني إسرائيل إنما هو من بني العيص بن إسحاق؛ فأيوب هو ابن أخي إسرائيل؛ لأن العيص ويعقوب إسرائيل هما ابنا إسحاق بن إبراهيم فأيوب هو ابن عم بني إسرائيل لا أخوهم من ولد إسرائيل، وجميع الأنبياء من بني إسرائيل إلا اثني عشر منهم أيوب، وهم:
آدم، إدريس، نوح، وهود، صالح، إبراهيم، لوط، إسحاق، إسماعيل، إسرائيل وهو يعقوب، أيوب، محمد-صلّى الله عليهم أجمعين.
﴿وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ﴾ (٨٦) [الأنعام: ٨٦] يحتمل أن هؤلاء جمعيهم من حيث هم جمع فضلوا على جميع العالمين، ويحتمل أن كل واحد منهم فضل على عالم زمانه أو على من عدا باقي النبيين أو بعضهم.
﴿وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاِجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (٨٧) [الأنعام: ٨٧] هذا العموم لا يتناول عيسى، إذ لا أب له ولا ذرية، فهو مخصوص به.
﴿ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٨٨) [الأنعام: ٨٨] يحتج به على المعتزلة من وجهين:
أحدهما: أنه] أضاف الهدى إليه؛ فدل على أنه منه لا من العبد.
الثاني: أنه أخبر أنه يهدي بهداه من يشاء، فجعل مناط الهداية المشيئة لا غيرها من طاعة أو استعداد ونحوه، ولا يجوز حمل الهدى هاهنا على الإرشاد؛ لأن/ [٨٠ ب/م] الإرشاد [عام لا يخص؛ بل هو للمؤمن والكافر بدليل ﴿وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (١٧) [فصلت:


الصفحة التالية
Icon