١٧] غير أن المؤمن يوفق فيهتدي، والكافر يخذل فلا يهتدي، وبالجملة الإرشاد] لا يلزم منه حصول الرشاد.
﴿ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٨٨) [الأنعام: ٨٨] ظاهر هذا أنه راجع إلى الأنبياء المذكورين وآبائهم وذرياتهم وإخوانهم، فيدل على أن الأنبياء يجوز عليهم الشرك، وأنهم إنما عصموا من وقوعه منهم لا من جوازه عليهم، ونظيره ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ (٦٥) [الزمر: ٦٥].
قوله-عز وجل-: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اِقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ﴾ (٩٠) [الأنعام: ٩٠] يحتج بهذا على أن نبينا محمدا صلّى الله عليه وسلّم أفضل من جميع هؤلاء الأنبياء، لأنه أمر بالاقتداء بجميعهم، والاقتداء بهم فعل مثل ما فعلوا، ولا بد أنه امتثل هذا الأمر لانعقاد الإجماع على عصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، حينئذ قد فعل وحده من الطاعة مثل ما فعل هؤلاء جميعهم، والواحد إذا فعل مثل ما فعل الجماعة كان أفضل منهم.
ويحكى أن هذه المسألة وقعت في زمن الشيخ عز الدين بن عبد السّلام (١) فأفتى فيها بأنه عليه الصلاة والسّلام-كان أفضل من كل واحد منهم، لا أنه أفضل من جميعهم، فتمالأ جماعة من علماء عصره على تكفيره، فعصمه الله-عز وجل-منهم.
﴿وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ (٩١) [الأنعام: ٩١] دعوى منهم عامة، في نفي الإنزال.
﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى﴾ [الأنعام: ٩١] نقض للدعوى العامة بهذه الصورة الجزئية، ويحتج بهذا من يرى أن العام نص في كل فرد من أفراده، إذ لو لم