﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (٥٩) [الأعراف: ٥٩] قول نوح هذا وغيره من الرسل في هذه السورة وغيرها شهادة بالتوحيد، موافقة لقوله-عز وجل-: ﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ (٤٥) [الزخرف: ٤٥] وسيأتي برهان التوحيد في موضعه، إن شاء الله-عز وجل.
قول هود لقومه: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاُذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (٦٩) [الأعراف: ٦٩] أي نعمه، واحدها نعمة، وقد اختلف العلماء في أن الله-عز وجل-على الكفار نعمة، أم لا؟ على قولين:
أحدهما: نعم لهذه الآية وغيرها مما عدد عليهم فيها.
والثاني: لا، لأن ما أعطوه من/ [٩٠ أ/م] متاع الدنيا استدراج لا نعمة، فهو كالعسل المسموم هو آفة لا حلاوة.
ومرجع الخلاف إلى أن النعمة ما هي: إن أريد به مجرد اللذة والتنعيم فعلى الكفار نعم عظيمة، وإن أريد بها [التنعيم مع] سلامة العاقبة فيه، فلا نعمة عليهم بل هي نقم في صورة نعم.


الصفحة التالية
Icon