عز وجل-والجميع ممكن مقدور.
﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ (٤٨) [الأنفال: ٤٨]، جاء في التفسير: أن إبليس تراءى لكفار قريش/ [٩٨ أ/م] على صورة سراقة بن مالك بن جعشم؛ فغرهم بغروره حتى شركوه في ثبوره، ففي ذلك دليل على أن الشياطين تظهر لبعض الإنس، وتتصور بما شاءت من الصور، وشواهده كثيرة، والكل ممكن مقدور.
﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (٦٣) [الأنفال: ٦٣]، اعلم أن الحق سبحانه وتعالى لما كان هو الواحد بالحقيقة والوحدة من خواصه-كانت قوته وبطشه في وحدته فلا يحتاج إلى تكثير من قلة، ولا تقوية من ضعف، والخلق لما كان التعدد والكثرة والتركيب من لوازمهم-كانت قوتهم في اجتماعهم وكثرتهم، وشرط اجتماعهم اتفاقهم، واتفاقهم إنما يكون بميل القلوب بعضها إلى بعض، وقد سبق الله-عز وجل-هو المتصرف في القلوب بخلق الدواعي والصوارف، وأنه يحول بين المرء وقلبه، فكان أمر الله تأليف القلوب وتفريقها إليه-عز وجل-لا إلى غيره، ثم خلق دواعي الميل والألفة قد يكون مجردا عن سبب/ [٢١٠/ل]، وقد يكون مبنيا على سبب، إما (صالح كالإسلام) وظهور المعجزات في تأليف قلوب الصحابة ونحوهم من أتباع الرسل، أو فاسد كأكل الحرام ونحوه في تأليف قطاع الطريق ونحوهم من المفسدين.
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (٦٤) [الأنفال: ٦٤] قيل:
معناه يكفيك ويكفي من اتبعك، فمن عطف على الكاف في ﴿حَسْبُكَ﴾ [الأنفال: ٦٤] محلا. وقيل: هي عطف على الله، أي: ويكفيك المتبعون من المؤمنين؛ بدليل ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٢] فالكفاية هاهنا مضافة إلى الله-عز وجل-خلقا، وإلى المؤمنين سعيا وكسبا على رأي الجمهور.
﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٦٥] نسخت بما بعدها