عليه وعلى غيره، إما بالاشتراك أو التواطؤ أو الحقيقة والمجاز، فيكون مجملا دلالة له، ثم إنذاره وتحذيره يحتمل أنه إنما يقبل بقرينة، فلا يستقل وحده بوجوب القبول.
الأمر الثاني: صحة فرض الكفاية: وهو إيجاب الفعل على جميع المكلفين مع سقوطه بفعل بعضهم. وتقريره من الآية: أنه خص المؤمنين على نفير طائفة منهم للتفقه في الدين، وذلك يقتضي تكليف جميعهم بما يكفى فيه فعل طائفة منهم، وهو المطلوب.
الأمر الثالث: أن التفقه في الدين فرض كفاية، وهو واضح من الآية.
﴿وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (١٢٤) [التوبة: ١٢٤] هذه ونظائرها تدل على أن الإيمان يقبل الزيادة والنقصان؛ خلافا لقوم، وأصل الخلاف أن حقيقة الإيمان ما هي؟ إن قيل: هو التصديق المجرد لم يقبلهما؛ إذ لا تفاوت في التصديق الجازم، وإن قيل: هو التصديق مع العمل قولا وفعلا-قبلهما؛ لأن القول والعمل/ [٢٢٠/ل] جزء الإيمان وهما يقبلان الزيادة والنقصان، فجزء الإيمان يقبلهما، فالإيمان يقبلهما.
ثم يعترض على المذهب الأول بأن الإيمان هو التصديق الاعتقادي لا العلمي، والاعتقادي يقبل التفاوت قوة وضعفا، وبحسب قبوله للتشكيك وعدمه. سلمنا أن الإيمان هو التصديق العلمي. لكن قد سبق في قصة إبراهيم-عليه السّلام-وسؤاله أن يرى إحياء الموتى أن العلم على أضرب: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين، وهذه مراتب متفاوته في القوة والضعف والزيادة والنقص.
وقول المتكلمين: إن العلم لا يقبل التفاوت إنما يريدون به العلم النظري، أما باعتبار مراتبه المذكورة فيقبله.
﴿أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (١٢٦) [التوبة: ١٢٦] فيه إشارة إلى أن الفتن والبلايا والمحن قد تكون زواجر وروادع وتنبيهات للإنسان على ترك ذنبه والإقبال على ربه-عز وجل-فمن وفق فعل.