أضافوا إلى الله-عز وجل-ما هو منزه عنه، ويستحيل عليه واستئثارهم عليه بالأكمل على تقدير جواز ذلك عليه.
﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً﴾ (٤٢) [الإسراء: ٤٢] هذا من أدلة التوحيد، وتقريره من وجهين:
أحدهما: لو كان معه إله غيره لطلب ذلك الغير سبيلا إلى مغالبة ذي العرش على الملك وانفراده بالإلهية دونه واللازم باطل؛ فالملزوم كذلك؛ بيان الملازمة أن العادة اطردت بأن المشتركين في الملك يحاول كل واحد منهما المكر بصاحبه، أو مغالبته على إخراجه من الملك، وانفراده به دونه، واطراد العادة حجة، ولذلك كان انخراقها للأنبياء معجزا، بيان بطلان اللازم أن كل من ادعيتموه إلها مع الله تعالى كالأصنام ونحوها أسير في قبضة قدرته لا يستطيع السبيل إلى الخروج عن عبوديته فضلا عن ابتغاء السبيل إلى مغالبته.
الوجه الثاني: لو كان معه غيره لطلب ذلك الغير السبيل إلى الوصول إلى رتبة ذي العرش أو إلى الشفاعة إليه فيما يريد، على العادة في بلوغ النظير رتبة نظيره والشفاعة إليه في بعض أموره، واللازم باطل، والمعول عليه هو الوجه الأول.
﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ (٤٤) [الإسراء: ٤٤] فيه قولان:
أحدهما: أنه عام أريد به الخاص وهم ذوو الحياة المتأتي منهم التسبيح، وعلى هذا يتمسك به الفلاسفة في أن الأفلاك حية ناطقة، لأنها مسبحة بهذا النص، وكل مسبح حي ناطق، فالأفلاك حية ناطقة.
وجوابه: بمنع كونها مسبحة على هذا التقدير، وينتقض عليهم بالأرض؛ فإنها مسبحة بهذا النص، وليست حية باتفاق.
الثاني: أنه عام مطرد في الحي وغيره كالجمادات، لكن تسبيح كل شيء بحسبه؛ فالحي بالنطق والجماد إما بظهور آثار القدرة فيه والتسخير له قسرا أو بخلق حياة فيه، أو أصوات يسبح بها لا يعلمها ويدركها إلا خالقها، ومن أطلعه عليها، [قال بعض العلماء المحققين رضي الله عنهم: ] وقد أخبرني الثقة، أنه كان نائما في بستان فاستيقظ ليلا فسمع للنخيل والأشجار وجدار البستان كدوي النحل بالتسبيح، وأخبرني الثقة عن الثقة فيما أحسب أنه مر في أرض/ [٢٦٤/ل] مزروعة حنطة، وهو يسبح، فسمع السنبل جميعه يسبح، وفي تسبيح الجبال مع داود-عليه السّلام-غنية عن ذلك كله.