من قول أصحاب الكمون، عند الاستدلال على حدوث الأعراض، والفلاسفة ينكرون قلب العصي حية، وصرح لي بعضهم بذلك، وجعل يتعجب من تصديقي به.
﴿وَاِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ (٣٢) [طه: ٢٩ - ٣٢] احتجت به الشيعة على أن عليا هو الإمام الحق بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقرروه بأن هذا النص اقتضى أن هارون شريك موسى في أمره، والحديث وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» اقتضى إثبات المنازل الهارونية من موسى لعلي من محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا النبوة، ومن منازل هارون الشركة في أمر موسى، فاقتضى مشاركة علي لمحمد في أمره، ثم النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت له النبوة والإمامة، وقد استثنى النبوة عن مشاركة علي فيها، فوجب أن يكون شريكه في الإمامة»، لكن قام الدليل وانعقد الإجماع على أنه لم يكن شريكه فيها حال حياته، فوجب أن يبقى مقتضى الحديث فيها بعد وفاته؛ لزوال المانع، ثم أكدوا ذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي» رواه أحمد في المسند من حديث عمران بن/ [٢٨٧/ل] حصين، وفى كتاب فضائل علي من حديث بريدة بن الحصيب «وهو وليكم بعدي».
﴿قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى﴾ (٥٠) [طه: ٥٠] أي خلقته وبنيته ﴿قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى﴾ (٥٠) [طه: ٥٠] إما بعقل كالعقلاء، أو بإلهام كغيرهم، كالنحل في بناء بيوتها، والعنكبوت في نسجه، وغيرهما.
﴿قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى﴾ (٥١) [طه: ٥١] هذا إشارة من فرعون إلى إنكار البعث والقول بالدهر، فأجابه موسى بإثبات البعث بقوله: ﴿وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا﴾ (٥٢) [مريم: ٥٢] أي: يعلم تلك القرون علم ضبط، ثم إذا جاء وقت إعادتها أعادها، وبدليل البعث وهو قوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى﴾ (٥٣) [طه: ٥٣] أي يخرجهم من الأرض كما يخرج منها النبات، وهو الدليل العام على البعث في القرآن، وقد سبق وسيأتي إن شاء الله عز وجل.