وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) [الحج: ٥] وهو قياس إخراج الموتى أحياء من الأرض على إخراج الزرع من الأرض، والجامع الإمكان والمقدورية، ووجه الشبه أن أجزاء الموتى تتفرق في الأرض كالحب فيها ثم تجمع الأجزاء، وتخرج بشرا كما ينبت الحب ويخرج زرعا [وقد سبق].
وقوله-عز وجل-: ﴿فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اِهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ (٥) [الحج: ٥] ظاهر في أن إخراج الموتى يكون بمطر يمطرونه، كما حكي أن السماء تمطر مطرا كمني الرجال أربعين يوما، فتخرج به الموتى نباتا، ولما ذكر [هذين القياسين] قال: ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٦) [الحج: ٦] هذا هو النتيجة أي: كما بدأ الخلق وأحيا الأرض يحيي الموتى، ثم أحال بذلك على القدرة التامة، فقال: ﴿وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٦) [الحج: ٦]، ﴿وَأَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها﴾ (٧) [الحج: ٧] إثبات للقيامة لمحاسبة الناس، والعدل فيهم ﴿وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ (٧) [الحج: ٧] تأكيد لما تقدم من أنه يحيي الموتى.
﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (١٠) [الحج: ١٠] أي: بما كسبت ﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (١٠) [الحج: ١٠] أما على رأي العدلية/ [١٤١ ب/م] فظاهر، وأما على رأي الجمهور فإما باعتبار كسبهم، أو على تقدير أن لو فوض إليهم لعصوا.
﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (١٠) [الحج: ١٠] استدلال على عدم الإلهية بعدم النفع والضر، وبقياس العكس أن من ملك النفع والضر مستقلا فهو الإله.
﴿يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ (١٣) [الحج: ١٣] لأن الصنم يحتاج إلى خدمة في الدنيا على ما/ [٣٠٠/ل] التزمه له الكفار، وهو سبب العذاب في الآخرة، فصار ضره محققا ونفعه معدوما.