أول مبارز، وأبو بكر في العريش مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فعلي أعظم جهادا، فليكن أفضل من أبي بكر لقوله-عز وجل-: ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ (٩٥) [النساء: ٩٥].
وأجيب بأنه يلزمكم مثله، في النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن عليا أفضل منه وإنه محال؛ فإن قيل: / [١٤٢ أ/م] النبي صلّى الله عليه وسلّم كالإمام شأنه أن يقاتل بين يديه، قيل: وأبو بكر كالوزير شأنه أن يكون مع الإمام.
﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ﴾ (٢٤) [الحج: ٢٤] هو قولهم في فاطر ﴿وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ (٣٤) [فاطر: ٣٤] وهو الكلم الطيب المذكور في «إليه يصعد الكلم الطيب» أو منه فينبغي المحافظة على الحمد خصوصا [بلفظ الآية خصوصا] عند اندفاع البلاء وتجدد النعماء.
﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اِسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (٤٠) [الحج: ٤٠] احتج بعض النصارى من هذه بوجهين: أحدهما: أنه قدم ذكر الصوامع والبيع، وهي من شعار النصارى على المساجد التي هي شعار المسلمين، وذلك يقتضي أن النصارى ودينهم أفضل.
الثاني: أنه وصف الصوامع/ [٣٠١/ل] والبيع بذكر الله فيها كثيرا كالمساجد على جهة المدح، وهو يقتضي مدح النصارى وصحة عباداتهم وأذكارهم وإلا لما مدحت.
والجواب عن الأول: أن العطف بالواو، وهى لا تفيد الترتيب، ثم يلزمهم من قوله- عز وجل-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (١٧) [الحج: ١٧] أن تكون هذه الطوائف الثلاث أفضل من النصارى لتقديمها عليهم.