قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) [الرعد: ٦] أي كفرهم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (٨٢) [الأنعام: ٨٢] أي: كفر ونحوه، لا الظالمون من أهل الإيمان، فإذن / [١٧٥ ب/م] احتجاجهم بعام مخصوص، أو أريد به الخصوص، وهو غالب ما يعتمدون عليه في هذه المسألة، ونحوها من السمعيات.
﴿وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ﴾ (٢٨) [غافر: ٢٨] احتجت بها الشيعة على جواز التقية؛ لأن هذا المؤمن استعملها، وقد أثنى الله-عز وجل- عليه ومدحه، وعلى أن أبا طالب كان مؤمنا، لكنه استعمل التقية مع قريش في نصرة محمد صلّى الله عليه وسلّم كما استعملها هذا المؤمن في نصرة موسى، وقد سبق المسألتان في موضعهما من آل عمران والقصص.
﴿وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ﴾ (٢٨) [غافر: ٢٨] يحتج بها على أن لا واسطة بين الصدق والكذب؛ لأنه احتج عليهم بالسبر والتقسيم، ولو كان هناك واسطة لما كان تقسيمه حاصرا، ولكانت حجته فاسدة، لكن القرآن، يقتضي صحتها، فيكون التقسيم حاصرا، فلا يكون بين الصدق والكذب واسطة، وقد سبق تفصيل هذا في أول سورة سبأ، والمراد هنا بالصدق والكذب مطلق المطابقة، وإلا مطابقة من غير تقييد، فمن ثم انتفت الواسطة.
﴿أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبابٍ﴾ (٣٧) [غافر: ٣٧] / [٣٦٥ ل] على ما لم يسم فاعله يحتج بها الجبرية.
﴿وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اِتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ﴾ (٣٨) [غافر: ٣٨] دعاهم إلى التوحيد، والإيمان بالله واليوم الآخر، وإلى الإعراض عن الدنيا، والإقبال على الآخرة، على ما هو ظاهر في كلامه.