﴿فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ (٤٦) [غافر: ٤٥ - ٤٦] أي: في البرزخ، ويستدل به على عذاب القبر؛ بدليل:
﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ (٤٦) [غافر: ٤٦] فإنه يقتضي أن عرضهم على النار غدوا وعشيا قبل يوم القيامة، وليس ذلك في الدنيا فتعين أنه في البرزخ، وهو ما بينهما.
﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ﴾ (٥٢) [غافر: ٥٢] يحتج به المعتزلة، إذ لو كانت أعمالهم مخلوقة لله-عز وجل-لنفعتهم معذرتهم بأن يقولوا: خلقت فينا ما لا خروج لنا عنه، فكنا مجبورين فعلام تعذبنا؟ وجوابه ما سبق من أن جبره إياهم جبر معقول يدركه ولا تنكره العقول، فعقولهم تقضي عليهم باللائمة بحسب كسبهم ولا يعذرهم بجبرهم.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (٥٦) [غافر: ٥٦] فيها وفى نظيرتها قبل بقليل دليل على ذم الجدال بغير علم وبغير الحق، وأن ذلك إما عن جهل أو/ [١٧٦ أ/م] عناد واستكبار.
﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٥٧) [غافر: ٥٧] مع قوله بعد: ﴿إِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (٥٩) [غافر: ٥٩] إشارة إلى دليل البعث والمعاد، وينتظم هكذا: إعادة الناس أهون من ابتداء خلقهم، وابتداء خلقهم أهون من خلق السماوات والأرض، فإعادتهم أهون من خلق السماوات والأرض، فهو عليها أقدر. أو هكذا: خلق السماوات أكبر من خلقكم وخلقكم أكبر من إعادتكم، فخلق السماوات أكبر من إعادتكم، فالقادر عليه يكون عليها أقدر، وقد سبق هذا في آخر سورة يس وغيرها.