عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) [البقرة: ١٨٦]، ﴿وَقالَ رَبُّكُمُ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ﴾ (٦٠) [غافر: ٦٠] ظاهر في تسمية الدعاء عبادة، وأن الاستكبار عنه حرام، إذ فيه إظهار الاستغناء عن الله-عز وجل-وفى الحديث: «الدعاء مخ العبادة» (١) وذلك لأنه إنما يكون عن محض التوحيد.
﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ (٦٢) [غافر: ٦٢] يحتج به الجمهور كما سبق في آخر الزمر وغيره.
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (٦٧) [غافر: ٦٧] إلى: ﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (٦٨) [غافر: ٦٨] احتجاج على البعث والإعادة بقياس الابتداء كما في أول الحج.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (٧٠) [غافر: ٦٩ - ٧٠] الآيات منطبقة على الفلاسفة، صادقة عليهم، إما بخصوصهم/ [٣٦٦ ل]، أو في عموم مدلولها؛ لأن الفلاسفة بنوا أمرهم على أن البرهان العقلي لا يعارضه شيء، ثم تسامحوا حتى عدوا ما ليس ببرهان برهانا، إما وهما منهم أو هوى، أو عصبية، أو غير ذلك، فإذا قرروا شبهة هي عندهم برهان؛ جادلوا بها الكتب المنزلة على الأنبياء، إما بالتكذيب المحض، أو بالتأويل الباطل، فإذا سمعوا الكتب تثبت الصفات لله، تأولوها على أن مقاصدها ثابتة له لذاته؛ لئلا يلزم تعدد القدماء، ويتأولون الملائكة على قوى الأفلاك ونحوها، والرسل على قوم حكماء، ذوي سياسة ونفوس قوية، تنفعل لها العنصريات يضعون قوانين حافظة لنظام


الصفحة التالية
Icon