يؤدي إلى الاقتصار على إرادتها، وهو كقوله عز وجل: ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ﴾ (٧) [الروم: ٧]، إذ جعل علمهم بظاهر الحياة الدنيا كلا علم.
﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى﴾ (٣٢) [النجم: ٣٢] يحتج به على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر، وهو مذهب الجمهور كما سبق، واقتضت الآية أن من اجتنب الكبائر والفواحش محسن، وإن قارف الصغائر؛ لأنه عز وجل-فسر: ﴿وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ (٣١) [النجم: ٣١] بهؤلاء المجتنبين للكبائر إلا اللمم، وهو استثناء/ [٤٠٣/ل] منقطع، أي: يجتنبون الكبائر لكن اللمم لا يسلمون منه.
﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ (٣٢) [النجم: ٣٢] يعني عند خلق آدم، ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى﴾ (٣٢) [النجم: ٣٢] ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (١٤) [الملك: ١٤] ويحتمل أن المراد: وهو أعلم بكم حيث خلقكم من الأرض الكثيفة [الثقيلة] المظلمة المقتضية المناسبة لصدور ظلمة المعاصي منكم، والمراد هو أعلم بكم قبل وجودكم، علم المتقي منكم من غيره.
﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ (٣٩) [النجم: ٣٩] واحتج به الشافعي ومن وافقه على أن من تطوع بقربة كقراءة أو صلاة ونحوه، وأهدى ثوابها لميت مسلم لا تصله، ولا ينتفع بها، خلافا لأبي حنيفة وأحمد، وعن مالك قولان، وجه استدلاله أن هذا ليس من سعيه، وما ليس من سعيه لا ينفعه لظاهر الآية.
حجة الآخرين: أن هذا من سعيه، وما كان من سعيه كان له وانتفع به، لمفهوم الآية بل لمنطوقها، فإنها استثناء من نفي، وهو عند الشافعي وأحمد إثبات، أما أنه كسبه فلأن