ومحصلة ما ذكر أن وقت (العشي) و (الأصيل) هو ما بعد صلاة العصر إلى ما قبيل غروب الشمس وتلك هي حقيقتهما على ما تقضي به لغة العرب وتفيده سياقات الآيات الوارد فيها ذان اللفظان.. وإذا ما أُطلقا – سيما الأخير منهما - على ما بعيد غروب الشمس وهو ما يوافق صلاة المغرب، فإنه يكون على سبيل المجاز المرسل لعلاقة المجاورة، وقد يكنى بهما عن استغراق الشطر الثاني للنهار إذا اقتضاه المقام وأومأ إليه السياق (١).
(١) وأغرب من قال بأن معنى (العشي) هو ما كان وقتاً لصلاة الظهر قاله مجاهد ومحمد بن كعب القرظي وابن عطية، لـ"أن في جعل الظهر من الطرف الثاني خفاء، وإنما الظهر نصف النهار، والنصف– على حد قول صاحب روح المعاني- لايسمى طرفاً إلا بمجاز بعيد [تفسير الآلوسي ١٢/٢٣٤من المجلد ٧]، وأُضيف بأن لو كان هذا صحيحاً لما كان هناك معنى للعطف في قوله تعالى: (وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون.. الروم/١٨) إذ يصير من عطف الشيىء على نفسه، وهو مما لا يسوغ القول به، وأغرب منه للسبب ذاته ما ذكرناه من حده من الزوال إلى الصباح- كذا فعل الراغب في المفردات (ص ٣٣٥) دون أن يذكر غيره، وابن عاشور في التحرير- ٧/٢٤٧من المجلد ٤- الذي ناقض نفسه فذكر في قوله تعالى: (يسبحن بالعشي والإشراق) وقوله: (إذ عرض عليه بالعشي... ص/٣١) أنه ما بعد العصر إلى الغروب [ينظر التحرير ٢٣/٢٢٨ مجلد ١١، ٢٣/٢٥٤ مجلد ١١].