على أن هذا المنحى قد يحمد في مثل قوله سبحانه: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين... الأعراف/٢٠٥) إذ الحمل فيه بضميمة قوله - ﷺ -: (تنام عيني ولا ينام قلبي)، وقوله سبحانه: (ولا تكن من الغافلين).. على التكنية عن سائر أحواله - ﷺ - يقظةً أومناماً سراً أو إعلاناً ليلاً أو نهاراً لمما يدل عليه السياق ويومِئ إليه، والشرط في ذلك ألا يوجد في سياق الكلام ما ينافيه أو يتماشى معه من نحو إطلاق الذكر وتقييد نوع منه بوقتي الغداة والعشيّ في نحو قوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرةً وأصيلاً.. الأحزاب/٤١، ٤٢)، وكذا ما تعيّن الحمل فيه على الوقتين لكون الموقوت بزمنيهما مختص بهما لا يتعداهما، كما في قوله سبحانه: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال.. الرعد/١٥) إذ من المعلوم بداهة أن الفيئ لا يظهر بصورة كاملة تشعر بما يمليه النظم الكريم إلا في الوقتين بمعناهما اللغوي، ونظير ذلك ما كان منصوصاً على وقتيه ببعض دلائله التي لا ينصرف بها المعنى إلا إليه، كما في الآية الكريمة الواردة في حق داود - عليه السلام -: (إنا سخرنا الجبال معه بالعشي والإشراق.. ص/١٨) ذلك أن "وقت الإشراق محدود بوقت ارتفاعهما عن الأفق الشرقي وهو ما يسمى بالضحوة الصغرى" (١) وذلك لا يتأتى إلا وقت بدء طلوعها ولا يكون دون ذلك أو سواه بحال.
من أسرار تقديم بعض مسميات طرفي النهار على بعض ووجه تنوعها: