في التعبير عن الوقتين بـ (طرفي النهار)، إذ "يمكن اعتبار النهار من طلوع الشمس مع صحة ما ذكروه في صلاة الطرف الأول" (١) من أن المراد بها صلاة الصبح على ما ارتضاه الحسن وقتادة والضحاك (٢).
والصلاة على أي حال وأيّاً ما كان الأمر فيها حاصلة في الوقتين المباركين، أما قبل فرض الصلوات فلكونها متحققة بما ذكرنا نقلاً عن الحسن، أما بعد فرضيتها وجعلها في خمس فلكونها متحققة بصلاتي الضحى والعصر هذا على القول بأن طرف النهار الأول يطلق ويراد به ما بعد طلوع الشمس، أو بصلاتي الفجر والعصر كما قال قتادة وكما نطقت به الأحاديث سالفة الذكر، وذلك على القول بجعل طرف النهار مراداً به ما بعد طلوع الفجر.
٣- أن فيهما تبدو مظاهر العظمة ودلائل القدرة على بديع صنع الله في خلقه، إذ في هذين الوقتين تطالع النفس البشرية التغير الواضح في صفحة الكون من ليل إلى نهار ومن نهار إلى ليل، وفيهما يتصل القلب بالوجود من حوله، وهو يرى كلما طلعت شمس يوم أو غربت، وكلما أقبل ليل إو أدبر نهار، يد الله تغير الظواهر والأحوال وتقلب الليل والنهار بما يدل على كمال مقلِّبهما وقدرته على إيجاد المعدوم الممحوق كما كان وتسويته، وهنا وفي هذا الجو المفعم بفيض التدبر والتفكر في خلق السموات والأرض وفي هدأة الصبح وهو يتنفس ويتفتح بالحياة، وهدأة الغروب والكون يغمض أجفانه وينقلب البصر خاسئاً وهو حسير، يحمل التسبيح بحمد الله اعترافاً بفضله وعظيم امتنانه (٣)، وفي هذا المعنى يقول البيضاوي: "وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن أثار القدرة والعظمة فيهما أظهر" (٤).

(١) الآلوسي ١٢/٢٣٤ مجلد٧.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر الظلال ٣/١٤٢٧، ٤/٢٣٥٧، ونظم الدرر ٦/٥٢٥.
(٤) تفسير البيضاوي ٧/٣٨٠.


الصفحة التالية
Icon