واعتُرض بأنه لا وجه حينئذ لتخصيص هذه الأوقات بالذكر، وأُجيب بأن المراد بذكرها، الدلالة على الدوام كما فى قوله تعالى: (بالغداة والعشي.. الأنعام/٥٢، الكهف/٢٨)، مع أن لبعض الأوقات مزية لأمر لا يعلمه إلا الله تعالى، ورُدّ بأنه يأباه (مِن) التبعيضية في قوله في آية طه (ومن آناء الليل) على أن هذه الدلالة يكفيها أن يقال: قبل طلوع الشمس وبعده لتناوله الليل والنهار، فالزيادة تدل على أن المراد خصوصية الوقت.. وعورض ما قاله الإمام - للمرة الثانية- بأن الأنسب بالأمر بالصبر، الأمر بالصلاة ليكون ذلك إرشاداً لما تضمنه قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة.. البقرة/٤٥)، وأيضاً الأمر الآتي أوفق بحمل الأمر بالتسبيح على الأمر بالصلاة (١).
وحمل الأمر بالتسبيح على أي من الوجهين السابقين، بهذا. مما التبست فيها الطرائق، ولا يسعنا أن نجزم بطريقة هي أسلم ولا أقرب إلى فهم المعنى المراد، من أن نكل أمر الحسم أو الترجيح في هذا الشأن إلى سياقات الآيات وقرائن أحوالها، فهذان - في تقديري- كافيان وحدهما وكفيلان بمعرفة ما إذا كان المراد من التسبيح ظاهره أو المراد منه التجوز فيكون بمعنى الصلاة. إذ من الإجحاف أن نحمل كل الآيات الآمرة بالتسبيح في ذينك الوقتين على معنى واحد، أو نجعلها - على تعددها وتنوع سياقاتها- تسير على وتيرة واحدة.

(١) روح المعاني ١٦/٤١٢، ٣١٣مجلد ٩بتصرف، وينظر ٢١/٤٤ مجلد ١٢ ومفاتيح الغيب ١٢/٤٤٧.


الصفحة التالية
Icon