وهذا يدعونا الى مزيد من التبصر فيما يعين على فهم المراد من التسبيح، فالآيتان اللتان تحدثتا عن طرفي النهار في السورتين، نزلتا بالمدينة أى بعد فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء والمعراج، وفى إحدهما أمر بالصلاة صراحة، وفيها وفي أختها تحديد لتواقيت الصلاة، وقد أعمل فقهاء الأمة فيهما عقولهم كيما يستنطقوا منهما ومما جاء على شاكلتهما من نحو قوله سبحانه: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرأن الفجر.. الإسراء/٧٨) (١)، مواقيت الصلاة التي فرضها الله على المؤمنين من عباده وجعلها بعد أن كلفهم بالحفاظ عليها، كتاباً موقوتاً، وأمرٌ كهذا يمثل في الإسلام عمود الدين الذي لايقوم إلا به، وأول ما فرض الله على عباده وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة وأخر وصية رسول الله - ﷺ - لأمته.. يستأهل أن يوجد في القرأن ما يشير إليه ويحدد معالمه.
على أن ما استقر في ضمير الباحث هنا يعد من وجهة نظره قرائن حالية بل ولفظية كذلك، ترجح من كفة جعل المراد من التسبيح الصلاة، وتدل على أن المقصود بطرفي النهار: هما صلاتا الصبح والعصر على ما قال به الحسن في إحدى روايتيه، وكما ارتآه قتادة والضحاك وابن زيد والجمهور.

(١) وكذا قوله: "فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون.. الروم/١٧، ١٨"


الصفحة التالية
Icon