وما ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير آية هود من احتمال "أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء" (١) بناء على فرضية الخمس بالمدينة على ما روى عن الحسن، هو من زخرف القول، لوقوع حادثة الإسراء والمعراج قبل الهجرة، وفرضية الصلاة ليلته عند التحقيق، فقد أورد ابن سعد في طبقاته الكبرى أنها كانت قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً، كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما ما يدل على فرضية الصلاة في تلك الليلة المباركة، ففي سردهما لقصة الإسراء والمعراج بطولها، ذكرا أن النبي - ﷺ - (ذُهب به إلى سدرة المنتهى، وأوحى الله إليه عندئذ ما أوحى.. وفيها فرضت الصلوات الخمس على المسلسين)، كما أخرجا قوله - ﷺ - عند تحدى كفار مكة: (لما كذبتني قريش قمت في الحِجر (٢) فجلّى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه) (٣) يقول صاحب فقه السيرة: "وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل وعلّم رسول الله - ﷺ - كيفية الصلاة وأوقاتها، وكان عليه السلام قبل مشروعية الصلاة يصلي ركعتين صباحاً ومثليهما مساءً كما كان يفعل إبراهيم عليه السلام" (٤).

(١) تفسير ابن كثير٢/٤٧٣.
(٢) يعني حجر إساعيل بجوف الكعبة.
(٣) حديث المعراج أخرجه البخاري ٣٢٠٧، ٣٣٩٣، ٣٤٣٠، ٣٨٨٧ ومسلم ١٦٤، ٢٦٥، والترمذي ٣٣٤٦، والنسائي ٨/٣٤٦، ١/٢١٧، ٢٢٣ كلهم من حديث صعصعة المطول بلفظ: (فيما أنا في الحطيم).
(٤) فقه السيرة للبوطي ص ١١٦.


الصفحة التالية
Icon