شبه المنايا التي مُثّلت في صورة شاخصة للعيان وهي تطيح بكل ما اعترض طريقها فتأخذه دون ما مساءلة ودون ما استثناء، بالجمل الذي يخبط خبط عشواء.. وتتعدى تلك المفردة بنفسها فيقال: عشوته أي قصدته ليلاً، وتُعدى بـ (إلى) كما في قولهم: (عشا إلى النار وعشاها)، إذا أتى ناراً للضيافة واستدل عليها ببصر ضعيف، و (عشا الرجل إلى أهله يعشو)، إذا علم مكان أهله فقصد إليهم أول الليل، كما تُعدى بـ (عن) إن صدر عنه إلى غيره كما في قول الله تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين.. الزخرف/٣٦)، قال الفراء: معناه من يعرض عن ذكر الرحمن. قال: ومن قرأ (يَعْشَ عن ذكر الرحمن) فمعناه من يعمَ عنه، وقيل أي يظلم بصره (١).
فالمادة على ما هو متضح تدور حول ضعف الرؤية وقِصر النظر في البصر أو في البصيرة، ومن ثمّ أطلقت على ما يتحقق فيه ذلك في الحال أو الزمان، فإذا زالت الشمس فتحول الظلّ شرقياً وتحولت الشمس غربية دعي ذلك الوقت (العشي)، كذا قال أبو الهيثم فيما نقله عنه صاحب اللسان، وقال الأزهري فيما نقله عنه أيضاً: (يقع العَشِي على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، فإذا غابت فهو العِشاء) (٢).
(٢) ينظر السابق.