وفي إشارة صريحة لمعنى التسبيح في الليل الوارد في آية ق "ذهب غير واحد إلى أن المراد بالتسبيح الصلاة على أنه من إطلاق الجزء أو اللازم على الكل أو الملزوم، وعليه فالمراد بالصلاة قبل الطلوع الصبح وقبل الغروب العصر، قاله قتادة وابن زيد والجمهور وأخرجه الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن جرير بن عبد الله مرفوعاً، (ومن الليل) صلاة العتمة (وإدبار السجود) النوافل بعد المكتوبات كذا أخرجه ابن جرير عن ابن زيد" ونص عليه الآلوسي في تفسيره. (١)
والوجه في الاهتمام بـ (آناء الليل) وزلفه، "أن الليل وقت تميل فيه النفوس إلى الدعة، فيُخشى أن يتساهل في أداء الصلاة فيه" (٢) وعلل له الفخر الرازي بقوله: "لأن الجمعية -أي جمع القلب والهمة- فيه أكثر، وذلك لسكون الناس وهدوء حركاتهم وتعطيل الحواس عن الحركات وعن الأعمال، ولذلك قال سبحانه وتعالى: (إن ناشئة الليل هى أشد وطئاً وأقوم قيلاً.. المزمل/٦) وقال: (أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر ويرجو رحمة ربه.. الزمر/٩) ولأن الليل وقت السكون والراحة فإذا صرف إلى العبادة كانت على الأنفس أشق وللبدن أتعب، فكانت أدخل في استحقاق الأجر والفضل" (٣).
(٢) التحرير ٦/٣٣٨ مجلد ٨.
(٣) الرازي ١١/٧٠.