وبرأيي أن النكتة البلاغية لجمع (طرف) فى قوله جل شأنه: (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار) على الرغم من أن للنهار طرفان ورد ذكرهما فى قوله: (وأقم الصلاة طرفي النهار)، وقوعه في حال الجمع معمولاً لـ (سبح) ووقوعه في حال التثنية معمولاً لـ (أقم الصلاة) وفي هذا ما يشير إلى أن الصلاة وإن كان الأمر فيها قاصراً على طرفي النهار أوله وآخره، وهما على ما ترجح (الفجر والعصر) فإنه لا يعني أن يخلو سائر يوم المسلم من تسبيح لله وشغل للسان بذكره، وأنه إذا كان للنهار طرفان يتم شغلهما بتأدية الصلاة التي لا تشغل حيزاً كبيراً من الوقت، فإن ثمة طرفان آخران يستغرقان سائر ساعات النهار ينبغي ملؤهما مع سابقيهما، بالتقديس والتنزيه لصاحب العظمة والكبرياء جل جلاله، أولهما عند انتهاء النصف الأول من الطرف الأول من النهار وهو طرف سير الشمس في قوس الأفق، وبلوغ سيرها وسطه، والمعبر عنه بالزوال، والثاني عند ابتداء النصف الثاني من القوس والذي يوافق الشطر الأول من النصف الثاني من النهار، فيكون للنهار أربعة أطراف أوله وآخره، وآخر نصفه الأول وأول نصفه الثاني (١) والكل مستغرق بالتسبيح ولذا نزع الخافض.. وتكون الدلالة على فضيلة الصبح والعصر في الآية المجموع فيها مفردة (الطرف) من أوجه ثلاثة هي:

(١) ويسوغ مع هذين الأخيرين إدخال صلاتي الضحى والظهر لكونهما في نهاية النصف الأول من طرف النهار الأول، وبداية النصف الآخر من الشطر الثاني له. ويكون حمل التسبيح فيهما حينذاك على المجاز لإطلاق البعض وإرادة الكل، وهو الصلاة لاشتمالها عليه وهو الموافق لما روي عن ابن عباس من أنه حمل الغداة على وقت الضحى [ينظر تفسير الآلوسي ١٣/٥٨ مجلد ١٠].


الصفحة التالية
Icon