التقديم في قوله: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)، والتكرير بذكرهما ثانية مندرجين تحت (أطراف النهار)، وإرادة الاختصاص بالذكر بعد التعميم المشتمل على ساعات النهار، أو بضميمة قوله (آناء الليل)، المستغرق لجميع ساعات اليوم والليلة اهتماماً، كذكر جبريل بعد الملائكة في قوله: (تنزل الملائكة والروح فيها.. القدر/٤)، والصلاة الوسطى بعد الصلوات جميعاً في قوله: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.. البقرة/٢٣٨)، وذلك لضيق وقت آخر النهار المخصص لصلاة المغرب، ولكون الصبح وقت نوم (١)، وإن كنت لا أرى بأساً في الاستئناس في ذلك من إمكانية أن يكون السر في جمع طرف حاصلاً من كون الطرف يتكرر في كل نهار ويعود، فتكون (أل) في النهار للجنس الشامل لكلّ نهار ويكون الجمع باعتبار تعدد النهار وأن لكلٍّ طرفان، أو يكون من باب إطلاق الجمع على المثنى وهو متسع فيه في العربية عند أمن اللبس كقوله تعالى: (فقد صغت قلوبكما.. التحريم/٤)، والذي حسن جمعه هنا على أىٍّ وقوعه مشاكلة لجمع آخر هو قوله: (ومن آناء الليل) (٢)، ومهما يكن من أمر فقد أجمع المتأولون على أن التسبيح في آية طه بمعنى الصلاة، ساق هذا الإجماع ابن عطية وعلل هل الطاهر بقوله: "لذلك صار فعل التسبيح منزلاً منزلة اللازم لأنه في معنى صلّ" (٣)

(١) ينظر الكشاف ٢/٥٥٩، وحاشية الشهاب ٦/٤٠٧، ونظم الدرر ٥/٥٧، والتحرير ١٦/ ٣٣٩ مجلد ٨.
(٢) ينظر التحرير ١٦/٣٣٩ مجلد ٨ والآلوسي ١٦/٤١٢ مجلد٩.
(٣) التحرير ٢/ ٣٢٧ مجلد ١٢.


الصفحة التالية
Icon