لحسن قصدهم، ولكننا لا نعوّل على ذلك، بل ننهى عنه، ونقف عند نصوص القرآن لا نتعداها، وإنما نوضحها بما يوافقها إذا صحت روايته) (١).
٥ - حرصه على بيان هداية القرآن الكريم
إن تعرية التفسير من المبهمات والإسرائيليات التي تعودها كثير من الناس، بل ظنوها هي التفسير كله، يزيل تلك الحواجز التي تحول بين المسلم وبين هداية القرآن. يقول الأستاذ الإمام: (والتفسير الذي قلنا إنه يجب على الناس معرفته على أنه فرض كفاية، هو الذي يذهب فيه المفسر إلى فهم المراد من القول وحكمة التشريع، في العقائد والأحكام على الوجه الذي يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام، ليتحقق فيه معنى قوله: (هدى ورحمة) وغيرها من الأصناف... فالمقصد الحقيقي... هو الاهتداء بالقرآن، وهذا هو الغرض الأول الذى أرمي إليه في قراءة التفسير) (٢). ولقد أصبح واضحًا غرض الأستاذ من تفسيره، وبانت غايته منه. والقارئ يلمح ذلك في أكثر المواضع من هذا التفسير، فلا نكاد نجد آية من الآيات إلا ويحاول أن يبين ما فيها من هداية الناس. وهداية القرآن ذاتها في غاية الوضوح والكمال. فكيف إذا هيأ الله لهذا الكتاب غيورًا ذا فهم، يجعله قريب المنال من الناس، ويرد عنه كيد كل ماكر، وانحراف كل زائغ، والأستاذ إذ يتصدى لهذا كله، لا يركب مركبًا صعبًا وإنما هو أهل ذلك كله. وخير ما يعطينا صورة واضحة عن ذلك نماذج نختارها من تفسيره.
أ - أقسام الهداية: عند تفسير قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦]، يقسم الهداية إلى أقسام أربعة:
(٢) تفسير المنار جـ ١ ص ٢٥.