الأول: هداية الوجدان الطبيعي والإلهام الفطري، وتكون للأطفال منذ ولادتهم.
الثاني: هداية الحواس والمشاعر، وهي متممة للهداية الأولى في الحياة الحيوانية، ويشارك الإنسان فيها الحيوان الأعجم.
الثالث: هداية العقل..
الرابع: هداية الدين.. يغلط العقل في إدراكه، كما تغلط الحواس. وقد يهمل الإنسان استخدام حواسه وعقله فيما فيه سعادته الشخصية والنوعية، ويسلك بهذه الهدايات مسالك الضلال.. إنه في أشد الحاجة إلى هذه الهداية الرابعة (الدين) وقد منحه الله إياها (١)، وفيما قرره الأستاذ -رحمه الله- هنا توضيح وتفصيل لما ذكره في رسالة التوحيد، من أن العقل والوحي أثران من آثار الله، وآثار الله لا بد أن ينسجم بعضها مع بعضها الآخر، وليس معنى هذا أن الإمام يعد هداية الدين وهداية العقل ندَّين، بل هو يبين أن هداية العقل لاتصل في بيانها إلى هداية الدين.
ب- نتائج الهداية: يقول عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٣٨] يقول (٢): فالمهتدون بهداية الله تعالى لا يخافون مما هو آت ولا يحزنون على ما فات، لأن اتباع الهدى، يسهل عليهم طريق اكتساب الخيرات، ويعدهم السعادة في الدنيا والآخرة، ومن كانت هذه وجهته يسهل عليه كل ما يستقبله، ويهون عليه كل ما أصابه أو فقده، لأنه مؤمن بأن الله يخلفه، فيكون كالتعب في الكسب، لا يلبث أن يزول بلذة الربح الذي يقع أو يتوقع، وإذا قال قائل إن الدِّينَ يقيد حرية الإنسان، ويمنعه بعض اللذات التي يقدر على التمتع بها، ويحزنه الحرمان منها، فكيف يكون هو المأمن من
(٢) المنار جـ ١/ ص ٢٨٥.