الأحزان، ويكون باتباعه الفوز وبتركه الخسران؟ فجوابه أن الدين لا يمنع من لذة، إلا إذا كان في إصابتها ضرر على مصيبها، أو على أحد إخوانه من أبناء جنسه، الذين يفوتهم من منافع تعاونهم، إذا آذاهم أكثر مما يناله بالتلذذ بإيذائهم، لو تمثلت لمستحل اللذة المحرمة مضارها، التي تعقبها في نفسه وفي الناس، وتصور ما لها من التأثير في فساد العمران، لو كانت عامة وكان صحيح العقل معتدل الفطرة، لرجع عنها متمثلًا بقول الشاعر الأخير في لذة من بعدها كدر) فكيف إذا كان مع ذلك يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن هذه المحرمات تدنس الروح، فلا تكون أهلًا لدار الكرامة في يوم القيامة؟ ) ويظهر لنا حرص الشيخ على بيان هداية القرآن وأنها لا تتناقض مع لذات الإنسان التي لا تعقب ضررًا وهو في ذلك حريص شديد الحرص على إقناع القارئ بروح دعوية خالصة.
جـ- هداية القرآن في الأموال: يقول عند تفسير قول الله تعالى ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ﴾ [النساء: ٥] (١):
أمرنا الله تعالى في الآيات السابقة بإيتاء اليتامى أموالهم، وبإيتاء النساء صدقاتهن أي مهورهن. وأتى في قوله: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] بشرط للإيتاء يعم الأمرين السابقين، أي أعطوا كل يتيم ماله إذا بلغ، وكل امرأة صداقها، إلا إذا كان أحدُهما سفيهًا، لا يحسن التصرف في ماله، فحينئذ يمتنع أن تعطوه إياه، ويجب أن تحفظوه له إلى أن يرشد. وإنما قال (أموالكم) ولم يقل أموالهم، مع أن الخطاب للأولياء، والمال للسفهاء الذين في ولايتهم، للتنبيه على أمور:
أحدها: أنه إذا ضاع هذا المال ولم يبق للسفيه من ماله ما ينفق منه عليه، وجب على وليه أن ينفق عليه من مال نفسه. فبذلك تكون إضاعة مال السفيه

(١) المنار جـ ٤ ص ٣٧٩.


الصفحة التالية
Icon