يتوسع في تفسير الآيات لتشمل ما قرره العلم من حقائق ثابتة، ما دام ذلك ليس فيه تكلف ممجوج، ولا تعارض محجوج، فالحقائق العلمية -كما يقول- إذا كنا سنتكلف لها بتحميل الآيات أكثر مما نحتمله- حري بنا أن لا نخلط بينها وبين القرآن فما بالك بالنظريات التي لم تثبت، يقول عند تفسيره لقول الله تعالى: (... يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج).
(لقد كان القرآن بصدد إنشاء تصور خاص ونظام خاص ومجتمع خاص... كان بصدد إنشاء أمة جديدة في الأرض ذات دور خاص في قيادة البشرية، لتنشيء نموذجًا معينًا من المجتمعات غير مسبوق، ولتعيش حياة نموذجية خاصة غير مسبوقة، وتحت قواعد هذه الحياة في الأرض تقود إليها الناس.
... من هنا عدل عن الإجابة التي لم تتهيأ لها البشرية، ولا تفيدها كثيرًا في المهمة الأولى التي جاء القرآن من أجلها، وليس مجالها على أيّ حال هو القرآن، إذ القرآن قد جاء لما هو أكبر من تلك المعلومات الجزئية ولم يجيء ليكون كتاب علم فلكي أو كيماوي أو طبي، كما يحاول بعض المتحمسين له أن يلتمسوا في هذه العلوم.
إن كلتا المحاولتين دليل على سوء الإدراك لطبيعة هذا الكتاب ووظيفة ومجال عمله، إن مجاله هو النفس الإنسانية والحياة الإنسانية، وإن وظيفته أن ينشيء تصورًا عامًا للوجود وارتباطه بخالقه، ولوضع الإنسان في هذا الوجود وارتباطه بربه، وأن يقيم على أساس هذا الصور نظامًا للحياة، يسمح للإنسان أن يستخدم كل طاقاته... ومن بينها الطاقة العقلية، التي تقوم هي بعد تنشئتها على استقامة، وإطلاق المجال لها لتعمل -بالبحث العلمي- في الحدود التامة للإنسان وبالتجريب والتطبيق وتصل إلى ما تصل إليه من نتائج ليست نهائية ولا مطلقة بطبيعة الحال.
إن مادة القرآن التي يعمل منها هي الإنسان ذاته، تصوره واعتقاده ومشاعره ومفهوماته وسلوكه وأعماله وروابطه وعلاقاته... أما العلوم المادية والإبداع في