عن التفريعات والتشعيبات والخلافات الفقهية والتشاد المذهبي؛ لأن هذه جميعها لا يمكن أن تكون ظلالًا منعكسة عن النص القرآني، وإنما هي ظلال لمدارس نشأت فيما بعد، ولظروف أوجدتها عوامل مختلفة، لذا نرى سيدًا رحمه الله لا يعرض لآيات الأحكام إلا بالقدر الذي يكفي لتوجيه القارئ واستثارة عواطفه الدينية، وربما يأتي بأسباب النزول في بعض الأحيان.
وقد يأتي في تفسيره آية بالآثار التي وردت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، والتي وردت عن الصحابة رضوان الله عليهم، وربما ينقل عن بعض المفسرين وبخاصة ابن كثير، ليستشهد أو يرد على رأي قالوه؟ وهو لا يرى أن تُعلَّل أحكام العبادات، ويحاول كثيرًا وهو يتحدث عن آيات الأحكام أن يصل القارئ بأصل الدين وهو العقيدة متنقلًا به بين الواقعية لهذه الآيات وواقع الحياة في شطريها أعني ماضي المسلمين وحاضرهم، ولا يفوته في كل هذه أن يشير إلى ما يثيره النص القرآني في النفوس، وما يشير إليه من روعة بيانية كاختيار كلمة أو صيغة معينة، ولأهمية هذا الأمر، والمكانة التي احتلها في الظلال، سوف نطيل النفس قليلًا، حتى يقف معنا القارئ على حقيقة هذا الأمر.
استمع إليه وهو يأتي بمقطع من سورة البقرة يشمل آيات القصاص والوصية والصوم والاعتكاف والأموال ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨] إلى قوله تعالى ﴿لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٨] ثم يقول في تقديمه لتفسير هذه الآيات:
(يتضمن هذا الدرس جانبًا من التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم الذي كان ينشأ في المدينة نشأته الأولى، كما يتضمن جانبًا من العبادات المفروضة... هذه وتلك مجموعة متجاورة في قطاع واحد من قطاعات السورة، وهذه وتلك مشدودة برباط واحد إلى تقوى الله وخشيته، حيث يتكرر ذكر التقوى في التعقيب على التنظيمات الاجتماعية والتكاليف التعبدية سواء بسواء... وهو اطراد يوجه النظر