يحدثه الذنب وهذه العلامة لا تتخلف عن التوبة، سواء كان الذنب مع الله تعالى، أو مع الناس، ألا ترى أن أهون ما يكون من إنسان يذنب مع آخر ذنبًا يباهي به، أن يجيء معرفًا بالذنب، معتذرًا عنه، وهذا ذل يشق على النفس لا محالة) (١).
وهذا الكلام لا يشك قارئه بأنه تسرب للإمام، من أحياء المتصوفين وعلى وجه الخصوص من إحياء أبي حامد.
وعند تفسير الإمام لقصة آدم، يذكر في تفسير الملك والشيطان، أن الأول داعية الخير، والثاني داعية الشر. ويعلق السيد رشيد رضا على هذا التفسير، بأنه موافق لما ذهب إليه الإمام الغزالي، ويأتي بجملة من كلامه مؤيدة لما ذهب إليه. ولا أود هنا أن أناقش المقارنة التي عقدها بين الكلامين، فلذلك موضع آخر إن شاء الله، إلا أن ما أسجله هنا أن الإمام ليس وحده هو الذي تأثر بالغزالي، بل إن السيد رشيد رضا كذلك قد تأثر.
ويقول الأستاذ الإمام عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦] في سورة البقرة يصح أن يكون من قرب الوجود، فإن الذي لا يتحيز ولا يتحدد تكون نسب الأمكنة وما فيها إليه واحدة، فهو تعالى قريب بذاته من كل شيء إذ منه كل شيءٍ إيجادًا وإمدادًا وإليه المصير) (٢).
ويقول السيد رشيد رضا معلقًا على هذا التفسير (وهذا الذي قاله من الحقائق العالية، وعليه السادة الصوفية فقد قال أحد العلماء في قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ﴾ أي إذا بلغت روحه الحلقوم، إنه القرب بالعلم. وكان أحد كبار الصوفية حاضرًا فقال: لو كان هذا هو المراد لقال تعالى، في تتمة الآية ولكن لا تعلمون، ولكنه لم ينف العلم عنهم وإنما قال: ﴿وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ﴾ وليس من شأن العلم أن يبصر، فينبغي هنا إبصاره وإنما ذلك شأن الذات. انتهى بالمعنى وهذا مذكور
(٢) تفسير المنار جـ ١ ص ١٦٨.