بنصه في كتاب اليواقيت والجواهر للشعراني.. هذا ما كتبته من التعليق على كلمة شيخنا في قرب الوجود وطبع أولًا واطلع هو عليه. ثم استشكله بعض إخواننا السلفيين، بأنه مخالف لمذهب السلف، فإنهم يتأولون، أو يفسرون القرب بالعلم كالمتكلمين ويقولون إن الله تعالى فوق عباده، بائن من خلقه مستوٍ على عرشه، وعبارة الأستاذ على إجمالها أقرب إلى مذهب السلف من تأويل المتكلمين ومن وافقهم من السلفيين) (١).
ولا بد لنا أن نبني أمرًا على ما ذكره السيد محمد رشيد رضا من تعليق على كلمة الأستاذ الإمام، ألا وهو أن الأستاذ الإمام قد أخذ من معين مدرسة التصوف، وأكثر من الإفادة من كتب حجة الإسلام، ولكنه في نهاية الأمر استطاع أن يستقل بفهمه ورؤيته للمسائل الشرعية دون تعصب أو تقليد، وهذا ما دعا رشيدًا لأن يقول: وعبارة الأستاذ على إجمالها أقرب إلى مذهب السلف من تأويل المتكلمين، ومن وافقهم من السلفيين فهل كان هذا الأخذ من المدرسة السلفية باستقلال كما كان من مدرسة المتصوفة؟ هذا ما سيأتيك نبؤه بعد حين.
٢ - المدرسة السلفية:
لقد تأثر الأستاذ بهذه المدرسة كثيرًا، ويبدو هذا جليًّا في المظاهر التالية:
أ- عقيدة السلف: لقد صرح الأستاذ الإمام بأنه على طريقة السلف في فهم آيات الصفات، وأن هذه الطريقة تلتقي وطريقة الخلف، إذ لا بد للكلام من فائدة يحمل عليها، فبعد أن بين الطريقتين وما تمتاز به كل منهما، قال: وأنا على طريقة السلف في وجوب التسليم والتفويض فيما يتعلق بالله وصفاته وعالم الغيب، وإننا نسير في فهم الآيات على كلا الطريقتين لأنه لا بد للكلام من فائدة يحمل عليها لأن الله عز وجل لم يخاطبنا بما لا نستفيد منه معنى) (٢).
(٢) المنار (١/ ٢٥٢).