لا يخلو من تكلف. هذا مع نقله عن بعض الحفاظ توهين الحديث في هذه المسألة، وليته اكتفى بما أخرجه البخاري في صحيحه (١)، في تفسير هذه الآية من أحاديث مرفوعة، وهو أن المقام المحمود، هو مقام الشفاعة العظمى يوم القيامة، وهنا يحق لنا أن ندهش لمثل هذا الموقف من الشيخ وأمثاله، فمع أخذه بهذه الرواية الواهية، نراه يرد روايات ثبت صحتها وأقوالًا ذهب إليها الجمهور.
٢ - ومما يستنكر ويدهش له كذلك مخالفته للجمهور، في قضية خطيرة وهي إتيان المرأة في دبرها، فبعد أن يورد الشيخ روايات وآثارًا تبيح ذلك وتجيزه، يتتقد ابن القيم ويقول عنه إنه أول في هذه المسألة، وأن الأحاديث التي استدل بها على التحريم ضعيفة، لا تقوى للاحتجاج بها، ويمكن أن يكون هناك حديث صحيح في هذا الباب (٢).
٣ - يفهم من كلام الشيخ إنكاره لانشقاق القمر، ويخطئ الحافظ ابن كثير في قوله بتواتر حديث انشقاق القمر، ويأتي بكلام كثير حول منكر أحاديث الآحاد. وهكذا نرى الشيخ وأمثاله، يردون الحديث بحجة عدم التواتر، وإذا جاءت الآية صريحة عمدوا إلى تأويلها.
وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل تأثر القاسمي بالإمام محمد عبده رحمهما الله؟. إذا عرفنا إعجاب القاسمي بالإمام، ورحلته لمصر ليلتقي به، ورأينا كثيرًا من نقوله عنه -فقد نقل فصلًا كاملًا في مقدمته، كما نقل فصولًا تامة من رسالة التوحيد في ثنايا التفسير. إذا عرفنا هذا نستطيع أن نجزم بتأثر القاسمي به إلى حد بعيد، ولعل

(١) جـ ٩ ص ١٦١.
(٢) إن هذا خطأ جسيم جدًّا من القاسمي رحمه الله، فما ذهب إليه لا ترده الأحاديث الصحيحة وحدها، بل وعبارة الآية كذلك (فأتوا حرثكم أنى شئتم)، على أن الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله، وهو الذي صحح هذا التفسير علق على تلك المسألة مثبتًا صحة الأحاديث التي وردت فيها.


الصفحة التالية
Icon