ب- محاربته للبدع:
ويظهر هذا باعتباره مقصدًا من مقاصد تفسيره، كلما سنحت له فرصة لذلك. فمثلًا ينعى على هؤلاء الناس الذين يظنون أن الموالد من الدين، وهم يغمضون أعينهم عن كل ما فيها من منكرات. يقول (وأظهرها في هذه البلاد الاحتفالات التي يسمونها الموالد. ومن العجيب أن يتبع الفقهاء في استحسانها الأغنياء، فصاروا يبذلون فيها الأموال العظيمة، زاعمين أنهم يتقربون بها إلى الله تعالى، ولو طلب منهم بعض هذا المال، لنشر علم أو إزالة منكر أو إغاثة منكوب، لضنوا به وبخلوا -ولا يرون ما يكون فيها من المنكرات منافيًا للتقرب إلى الله تعالى، كان كرامة الشيخ الذي يحتفلون بمولده، تبيح المحظورات وتحل للناس التعاون على المنكرات.. ويَرى كبار مشايخ الأزهر يتخطون هذا كله لحضور موائد الأغنياء في السرادقات والقباب العظيمة التي يضربونها، وينصبون فيها الموائد المرفوعة، ويوقدون الشموع الكثيرة احتفالًا باسم صاحب المولد، ويهنئ بعضهم بعضًا، بهذا العمل الشريف في عرفهم) (١). وذكر الأستاذ الإمام عند شرح مفاسد الموالد أن بعض كبار الشيوخ في الأزهر دعوه مرة للعشاء عند أحد المحتفلين فأبى، فقيل له في ذلك فقال: (إنني لا أحب أن أكثر سواد الفاسقين) (٢).
كما نجد مثل هذا التنديد بالبدع وهو يبين أنواع الشرك، عند تفسير الآية ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء: ٣٦] (٣).
جـ- محاربته للتقليد والتعصب المذهبي:
يذكر السيد رشيد رضا في مقدمة كتابه تاريخ الأستاذ الإمام، أن الأستاذ

(١) المنار جـ ٢ ص ٧٤ - ٧٥.
(٢) المنار جـ ٢ ص ٧٤ - ٧٥.
(٣) المنار ٥/ ٨٢.


الصفحة التالية
Icon