كان يجمع بين الصلاتين دونما عذر، وهذه كبيرة عند المقلدين (١)، وإذا نظرنا في تفسيره رحمه الله، فسنجد أنه لا يكتفي بعدم التعصب لمذهب معين، وإنما يهاجم التقليد والتعصب، وينعى على أصحابهما. يظهر هذا جليًّا عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] حيث يرجح بالأدلة رأى ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله (٢). كما نراه عند تفسير قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)﴾ [النساء: ٤٣] يذكر أنه قرأ خمسة وعشرين تفسيرًا فلم تشف غليله. ويفسر الآية على أنها تبيح التيمم للمسافر مع وجود الماء (٣).
وقد أوضح الأستاذ رأيه في مسألة الاتباع والتقليد بقوله (ولكن رؤساء التقليد حالوا بين المسلمين وبين كتاب ربهم، بزعمهم أن المستعدين للاهتداء به قد انقرضوا، ولا يمكن أن يخلفهم الزمان، لما يشترط فيهم من الصفات والنعوت التي لا تتيسر لغيرهم، كمعرفة كذا وكذا من الفنون الصناعية، والإحاطة بخلاف العلماء في الأحكام، والذي يعرفه كل واقف على تاريخ الصدر الأول من المسلمين، هو أن أهل القرنين الأول والثاني، لم يكونوا يقلدون أحدًا، أي لم يكونوا يأخذون بآراء الناس وأقوال العلماء بل كان العامي منهم على بينة من دينه (٤). يعرف من أين جاءت كل مسألة يعمل بها من مسائله، إذ كان علماء الصدر الأول رضي الله عنهم، يلقنون الناس الدين، ببيان كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم) (٥). وكان الجاهل

(١) وهذه كبيرة عند فقهاء أهل السنة لا عند المقلدين كما يقول الشيخ رشيد وإن الذين يجمعون بلا عذرٍ هم الشيعة والإباضية. انظر الموسوعة الفقهية ١٥/ ٢٩٢.
(٢) المنار ٢/ ٣٨١.
(٣) وسنناقش هذه القضية مناقشة تامة عند حديثنا عن الشيخ رشيد رحمه الله.
(٤) هذا الكلام لا يسلم للشيخ، فما ذكره يصدق على علمائهم دون عوامّهم.
(٥) المنار جـ ٢ ص ٨١ - ٨٤، وسيأتي نقاش هذه المسألة في حديثنا عن منهج الشيخ رشيد.


الصفحة التالية
Icon