بجواز التقليد في الأصول، وهي ما يجب اعتقاده في الله وصفاته، وفي الرسالة والرسل، وفي الإيمان بالغيب وهو ما فصله النص القطعي، والتقليد في الفروع العملية بالأولى. وهذا القول مخالف لإجماع سلف الأمة، وما قاله إلا الذين يحبون إرضاء الناس، بإقرارهم على ما هم عليه من الجهل، وإهمال ما وهبهم الله من العقل، لينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]. والمراد أن قلوبهم أي عقولهم، لا تفقه الدلائل على الحق، وأعينهم لا تنظر الآيات نظر استدلال، وأسماعهم لا تفهم النصوص فهم تدبر واعتبار، فهذه صفات المقلدين) (١). ثم يختتم حديثه بقوله: (والقول الوسط بين القولين، هو أنه يجب النظر في إثبات العقائد بقدر الإمكان، ولا يشترط فيه تأليف الأدلة على طريق المنطق ولا طريق المتكلمين. وإن أفضل الطرف وأمثلها في ذلك، هو طريق القرآن الحكيم، في عرض الكائنات على الأنظار، وإرشادها إلى وجه الدلالة فيها على وحدانية مبدعها وقدرته وحكمته.. وأما فرض الأمة جاهلة، وإقرارها على ذلك اكتفاء باسم الإسلام، وما يقلد به الجاهلون أمثالهم من الأحكام، فهو من القول على الله بغير علم ولا سلطان. وقد قرنه تعالى جمع الشرك في التحريم بقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].
وأما الأحكام ومسائل الحلال والحرام فمنها ما لا يسع أحدًا التقليد فيه،