(٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (٤٣)} [النور: ٤١ - ٤٣]، فيقول (١): "والمتبادر كذلك، أن ما احتوته الآيات من نواميس كونية وتكوينية، هو ما يقع تحت مشاهدات الناس ومداركهم، وأن القصد من ذلك هو إثارة الاعتبار فيهم وجعلهم يعترفون بعظمة الله وقدرته ويخضعون له، وليس بسبيل شرح تلك النواميس شرحًا فنيًا إن صح التعبير. ومن الواجب أن يبقى هدف الآيات في هذا النطاق، على ما نبهنا عليه في المناسبات المماثلة الكثيرة" اهـ.
ويعيب ما اعتاده بعضهم، من محاولة استنباط النظريات العلمية من آيات القرآن، في معرض حديثه عن آية (٢) ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)﴾ [يس: ٣٣] والآيات التالية لها، فيقول: "ولقد جرى بعض المفسرين والباحثين قديمًا وحديثًا، على الوقوف عند هذه الآيات وأمثالها، لاستنباط قواعد فنية كونية منها، أو تطبيق نظريات علمية عليها، وبخاصة في صدد حركات الشمس والقمر، وتعاقب الليل والنهار، والإدلاء بآراء متنوعة، هي أدخل في نطاق التكلف والتزيد بل والغلو أكثر منها في نطاق الحقيقة، في حين أن الآيات في مجموعها وأسلوبها وروحها، تحمل الدليل على أن القصد منها هو لفت نظر الناس جميعًا، بأسلوب يفهمونه، على ما يشاهدونه من مظاهر قدرة الله، وكونه كما هو الشأن في جميع الآيات المماثلة، بقطع النظر عما أقام الله سبحانه الكون عليه من نواميس ونسب، وقواعد دقيقة محكمة النظام مطردة السير والجريان، ونحن نرى في مثل هذه الحاولات إخراجًا للقرآن الكريم عن هدفه الوعظي والتذكيري،
(٢) التفسير الحديث، ج ٢، ص ٢٢٢.