ويرى أنه أريد بكل هذه الألفاظ "اتصاف الله بكل الصفات الكاملة، التي تفيد القدرة والإحاطة" (١). ويقول بأنها استعملت "في معرض الدلالة على ذلك، لأنها تخاطب الناس حسب مألوفاتهم، مما اعتادوه أو تصوروه من صور وأشكال، بقصد التقريب للأذهان" (٢).
نماذج من التفسير:
عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)﴾ [القلم: ٤٢] يقول: "كناية عن وقت اشتداد الخطب، حيث كان من عادة العرب، إذا اشتدت معركة الحرب، أن يكشفوا عن سيقانهم. وهنا يعني يوم القيمة واشتداد الخطب فيه" (٣).
وفي قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفجر: ٢٢ - ٢٣]. يقول: "يقف الله لمحاسبة الناس والملائكة من حوله صفوفًا، وتهيأ جهنم لمستحقيها"ـ. ويقول كذلك: "الله منزه عن مفهوم المجيء والرواح والوقوف والجلوس، وغير ذلك من أفعال الخلق وصفاتهم" (٤). ويقول عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠] ولقد كان تعبير ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ موضوع أقوال، تتصل بعلم الكلام وصفات الله، من حيث نسبة الجوارح إلى الله تعالى، ولسنا نرى التعبير والسياق يتحملان ذلك، فقد قصد به كما هو المتبادر، شدة التوكيد على خطورة العهد والبيعة، وكون الله تعالى شاهدًا عليهما، استهدافًا لقوة التلقين، الذي أريد بثه في نفوس المسلمين (٥).
(٢) وليس هذا هو رأي السلف الذي يدعو إليه الأستاذ دروزة رحمه الله.
(٣) التفسير الحديث، ج ١، ص ٥٦.
(٤) التفسير الحديث، ج ١، ١٥٥ - ١٥٦.
(٥) التفسير الحديث، ج ١٠، ص ١٩٣ - ١٩٤.