ويجدر بنا أن نقف عند تفسيره لتعبير -وجه الله- في قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] وفي قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)﴾ [الرحمن: ٢٦ - ٢٧]. يقول في تفسير سورة القصص "روح التعبير هنا يفيد أن المقصود به ذات الله تعالى، ولا يتحمل جدلًا فيما نعتقد" (١)، وفي سورة الرحمن يقول "وتعبير، وجه ربك بمعنى ذات الله عز وجل، وهو تعبير أسلوبي مألوف في المخاطبات البشرية التي نزل القرآن بأسلوبها" (٢).
ومما يقوله في قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥]: "ولقد تعددت الأقوال في صدد الكرسي، كما هو الأمر في صدد العرش واللوح والقلم، ومنها ما جاء فيه أوصاف مادية، لا تخلو من غرابة، ولا تنسجم مع صفات الله وتنزهه، وليست متصلة بحديث نبوي وثيق السند. وأظهر الأقوال وأكثرها انسجامًا مع صفات الله، أن الكلمة مستعملة على سبيل المجاز، وأن المقصود منها بيان عظمة ملك الله وسلطانه والله أعلم" (٣).
وعند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ]، يقول في صدد الاستواء: "إن أصل معناه تساوي الشيء واستقامته واعتداله، وقد تطلق الجملة من قبيل المجاز، فتكون بمعنى التملك بالنسبة للملك، أكثر منها بمعنى الجلوس على العرش أو الكرسي" (٤).
ويورد قول ابن كثير في وجوب السير في طريق السلف الصالح، بالمرور بالجملة من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، وملاحظة كون الله لا يشبهه شيء من خلقه،
(٢) التفسير الحديث، ج ٧، ص ١٣٥.
(٣) التفسير الحديث، ج ٧، ص ٣٨٢. ويقصد بالأقوال الواردة في الخازن وابن كثير والزمخشري والطبري والطبرسي.
(٤) التفسير الحديث، ج ٢، ص ١٣٨.