"خذوها عني خذوها عني قد جعل الله لهن سبيلًا " (١) مما قد يكون فيه تفسير أو تأييد لما نقول" (٢).
ونراه أحيانًا يورد الأحاديث والآثار التي تشرح النص القرآني، وتوضح متضمناته من الأحكام. فمثلًا عند تفسيره لآيات الزنا في أول سورة النور، يورد أكثر من عشرة أحاديث وردت عن رسول الله - ﷺ - ليعود بعد ذلك إلى التوفيق بين هذه الأحاديث ومتضمن النص القرآني. وهنا نرى العجب والغرابة من الأستاذ المفسر، حيث يقرر أن قوله - ﷺ -: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم "قد صدر قبل نزول آية النور، بإلهام رباني، للإجابة على سؤال، أو رفع الحرج وإنهائه عن إمساك النساء اللاتي يأتين الفاحشة في البيوت، حتى يتوفاهن الموت، إذ لا حكمة -كما يقول الأستاذ دروزة- في صدور هذا الحديث، في الوقت نفسه الذي نزلت فيه الآية، لأنها احتوت الحكم الموعود، فلا تفهم حكمة الزيادة على ما احتوته، ولا تفهم حكمة صدوره بعبارته المروية بعد نزول الآية، لأن ما أريد التنبيه عليه قد نزل قرآنًا. لسنا مع الأستاذ رحمه الله، فهذا مخالف للفظ الحديث "خذوا عني" فمعنى هذا أن هذا الحديث قد ورد بعد نزول سورة النور وهذا ما أجمع عليه المفسرون.
ويقول بعد ذلك "فإذا صح ما نقول، تكون الآية قد نسخت من التشريع النبوي السابق عليها، ما زاد على ما احتوته من تشريع عام للزناة إطلاقًا، بدون تفريق بين محصنين وأبكار وهو جلد مائة" ولكنه يستدرك مقررًا أن حكم الرجم للمُحصنين، قد سنّه رسول الله - ﷺ -، وأمر بتنفيذه، بعد نزول سورة النور، ومات دون أن ينسخ ذلك الحكم، وهذا الذي جعل صحابته -رضي الله عنهم - يرجمون من بعده، كما
(١) الصواب: خذوا عني خذوا عني...
(٢) التفسير الحديث، ج ١٠، ص ٦ - ١٠.


الصفحة التالية
Icon