الفقهاء، فمنهم من يقول إن عقوبته القتل ومصادرة الأموال، ومنهم من قال: يقام عليه حد الزنا، وبين هاتين المسألتين تحدث عن التدابير الإصلاحية والوقائية في الإسلام لحفظ المجتمع من مفاسد الزنا، وبيّن عقوبة الفاحشة فيما كان دون الزنا، ووضح الشروط اللازمة لاعتبار الزنا جريمة مستلزمة للحد، وحكم الشهادة في قضية الزنا، وحكم سؤال الزاني عن المرأة التي زنى بها، وغيرها من المسائل كثير، حتى إنه تطرق إلى نوعية السوط وكيفية الضرب في حد الزنا، وفي كل مسألة كان يأتي بأقوال الفقهاء ويستشهد بقصص من السيرة النبوية الشريفة.
ومن استطراداته في المسائل الفقهية تفصيله في أحكام القذف واللعان، فمثلًا: هل يُقتل الرجل إنْ قتل رجلًا آخر وجده مع امرأته؟ وما هي الشروط التي تجيز اللعان بين الرجل وزوجته؟ وهل يمكن الاجتماع بينهما بعد الفرقة باللعان؟
كما فصل رحمه الله في الاستئذان في قوله تعالى: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا﴾ [النور: ٢٧]، وذكر أن حكم السمع كحكم النظر، فكلاهما تدخُّل غير مشروع، وأن الاستئذان ليس مقتصرًا على دخول المرء في دار غيره، بل في الدار التي فيها أمه وأخواته كذلك، وأن الاستئذان لا يجب في حال عروض أمر مفاجئ، وذكر أن الاستئذان لم يكن معروفًا في بدء الأمر، فعلَّمه الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- الصحابةَ، وأنه يكون ثلاثًا يفصل بينهما زمن، وإن لم يجد الإذن يرجع، وأن العبرة بإذن صاحب البيت لا غيره، واستشهد بأحاديث شريفة تدل على هذا (١).
رأيه في حجاب المرأة:
كان قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] هو أول موضع تعرّض فيه الأستاذ أبو الأعلى لمسألة حجاب المرأة حيث نبّه على أن هذه الآية لا يجوز الاستدلال بها على أن النساء كان لهن الإذن في المشي في الطريق