سافرات الوجوه، وأنه لذلك أمر الرجال بالغض من أبصارهم، فإنه لو كان حجاب الوجه مأمورًا به وجاريًا معروفًا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فما معنى الأمر بالغضّ من الأبصار؟
قال: "إن هذا الاستدلال خاطئ من حيث العقل ومن حيث الواقع، فهو خاطئ من حيث العقل؛ لأنه من الممكن مع رواج حجاب الوجه في المجتمع أن تَعْرِض مواقع يتواجه فيه رجل وامرأة فجأة بدون قصد منهما، كما قد تعرض لامرأة محتجبة من الضرورات ما يدعوها إلى الكشف عن وجهها، وبعد، فإنه لا بد أن تبقى النساء غير المسلمات في المجتمع غير محتجبات على رواج الحجاب بين النساء المسلمات، فليس مجرد الأمر بغض البصر دليلًا على أنه يستلزم عدم حجاب النساء.
وأما من حيث الواقع، فهذا الاستدلال خاطئ؛ لأن الحجاب الذي كان رائجًا معروفًا في المجتمع الإسلامي بعد نزول أحكام الحجاب في سورة الأحزاب كان شاملًا للوجه، وإن رواجه في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثابت بروايات متعددة" (١)، ثم ذكر هذه الروايات.
فهو يرى أن حجاب المرأة على الرجال الأجانب غير المحارم يشمل الوجه، فلا يجوز لها أن تخرج سافرة الوجه.
ثم فرق الأستاذ أبو الأعلى بين الحجاب والعورة، فذهب إلى أن الحجاب شيء، والعورة شيء آخر، فعورة المرأة على الرجال جميعًا بما فيهم محارمها -حاشا زوجها- هي جميع جسدها ما عدا وجهها وكفيها، والنتيجة أن المرأة لا تكشف شيئًا من جسدها أمام محارمها غير وجهها وكفيها، وما تشتد الحاجة إلى كشفه عند الاشتغال بأعمال البيت، وذلك مثل أن تكشف عن ذراعيها عند عجن الدقيق أو عن بعض ساقيها عند كنس فرش البيت وغسله.