وتزيد على هذا بتغطية وجهها وكفيّها، وهو ما يسمى بالحجاب أمام الرجال الأجانب، يقول: "الفرق كبير جدًّا بين الحجاب وستر العورة، فالعورة ما لا يجوز كشفه حتى للمحارم من الرجال، وأما الحجاب فهو شيء فوق ستر العورة، وهو ما حيل به بين النساء والأجانب من الرجال" (١).
ويجعل للرجال الأقارب الذين لا يحرم عليهم نكاح المرأة تحريمًا مؤبدًا حكمًا آخر، بين حكم المحارم وحكم الأجانب، وأن حدوده تختلف باختلاف أحوال المرأة وأحوال ذلك الرجل من حيث السنّ ودرجة القرابة.
والذي نراه أن هذه المسائل قد كثُر فيها الخلاف بين العلماء، وكل مسألة فيها تفصيلات ودقائق، لا مجال لبسط الكلام فيها هنا.
موقفه من الاستشهاد بالأحاديث:
بشكل عام، نجد أن استشهاده بالأحاديث في هذا الكتاب أكثر من الكتاب الأول، لكنه لم يحكم عليها بصحة أو ضعف، إلا ما ورد في الصحيحين، وأحيانًا لا يردّ الأحاديث إلى مصادرها الأصلية، فقد استشهد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يؤتى بوالٍ نقص من الحد سوطًا فيقال له: لِمَ فعلتَ ذاك؟ فيقول: رحمة لعبادك. فيقال له: أنت أرحم بهم مني؟ فيؤمر به إلى النار، ويؤتى بمن زاد سوطًا... " [إلى آخر الحديث]، ثم ردّ القارئ إلى تفسير الرازي (٢)، والصحيح أن يردّ الأحاديث إلى مظانها الأصلية.
وفي الغالب كان يذكر الصحابي راوي الحديث، على خلافِ فِعْلِه في الكتاب الأول (تفهيم القرآن)، حيث لم يكن يذكر أي جزء من السند.
(٢) ينظر: المرجع السابق، ص ٨٢.
والحديث أورده الزمخشري في تفسيره، ٣/ ٢١٣ في تفسير سورة النور، وقال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"، ٢/ ٤١٤: حديث غريب. اهـ. ولم يذكر من رواه.