تحليل الألفاظ:
وكما أنه استعان بالأحاديث النبوية الشريفة لإظهار الآراء الفقهية، فقد قام بتحليل الألفاظ والتراكيب، وبيان معاني المفردات لغةً واصطلاحًا، ولا سيما تلك التي ترتبت عليها أحكام فقهية، فيستخرج الأحكام بتحليل النص القرآني، يقول رحمه الله حين فسّر قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾: "إن معنى الغضّ (لغةً) النقص والخفض والوضع، فيقال: غضّ الشيء، أي: خفضه واحتمل المكروه، ومنه نقص ووضع من قدره، وغضّ الغصن، أي: كسره، فمعنى غض البصر بهذا الاعتبار أن لا ينظر إلى شيء بملء العين، وأن يكفّ النظر عما لا يحلّ إليه بخفضه إلى الأرض، أو بصرفه إلى جهة أخرى، وكلمة (من) في ﴿مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ للتبعيض، أي أن الله تعالى لا يأمركم بصرف كل نظر من أنظاركم، وإنما يأمركم بصرف بعضها، أو بكلمات أخرى: إن الله تعالى لا يريد أن لا تنظروا بملء عيونكم إلى أي شيء، وإنما يريد أن يقيد نظركم في دائرة مخصوصة، وها نحن أولاء نعرف من سياق العبارة ما هو الشيء الذي يأمر الله تعالى بكفّ العين عن النظر إليه، وهو نظر الرجال إلى النساء أو إلى عورات غيرهم، ولو من الرجال أو إلى المناظر الفاحشة" (١).
الوعظ والإرشاد:
وتجدر الإشارة إلى أنه لم يكن يسرد الأحكام الفقهية بشكل جاف، بل كان يخللها بشيء من التذكير والحثّ على التزام هذه الأحكام، من هذا ما قاله معقّبًا على الآية التي تبين حدود زينة المرأة، قال: "ولعمر الحق إن الإنسان المؤمن لا يبقى أمامه بعد علمه بهذه الأحكام والتعاليم الواضحة من الله ورسوله إلا أن يختار إحدى الصورتين: إما أن يتبعها ويطهر حياته الشخصية وحياة أهل بيته وحياة المجتمع