موضوعاته نجد نسقًا واحدًا في غاية الإحكام، وفي منتهى السبك والرصف، وهذا من مظاهر إعجازه.
وفي هذا المعنى يقول الإمام الباقلاني:
"إن القرآن على اختلاف ما يتصرف فيه من الوجوه الكثيرة والطرق المختلفة يجعل المختلف كالمؤتلف، والمتباين كالمتناسب | وهذا أمر عجيب تتبين فيه الفصاحة، وتظهر به البلاغة، ويخرج به الكلام عن حد العادة، ويتجاوز العُرف" (١). |
ولعل السبب في اهتمامه هذا هو ما قاله في مقدمة تفسيره بأن أحدًا لم يستوعب هذه القضية بما يغطيها تغطية كاملة، وبأن الكثير من الناس في عصرنا يتساءلون عن الصلة بين آيات القرآن الكريم وسوره، وعن السرّ في تسلسل سور القرآن على هذه الشاكلة المعروفة.
وفي هذا يقول: "لئن عرّج بعض المفسرين على هذا الموضوع، فإن أحدًا منهم لم يستوعب القرآن كله بذكر الربط والمناسبة بين الآيات في السورة الواحدة، وبين سور القرآن بعضها مع بعض على ضوء نظرية شاملة، وقد بُذل حتى الآن الجهد الأكبر في الربط بين الآيات في السورة الوحدة، ولكن النقطة الثانية - يقصد الربط بين الآيات - لم يُبذل فيها جهد إلا ضمن حدود ضيقة، وكلا الجهدين فاتته إلى حد
(١) إعجاز القرآن، الباقلاني، ص ٥٦.