ثم جاءت بقية السورة لتخدم معنى من المعاني الآتية في هذه التسعة والثلاثين آية، ثم جاءت بعد ذلك أربع وعشرون مجموعة قرآنية، كل مجموعة فصلت في معاني سورة البقرة على ترتيب ورود هذه المعاني في سورة البقرة بشكل رأينا حكمه وتفصيلاته فيما مرّ معنا، ورأينا أن في كل تفصيل جديدًا، وفي كل سورة جديدًا" (١).
ومن الأمثلة على ذلك ربطه سورة يونس بأول آية من سورة البقرة، حيث قال: "محور هذه السورة - يونس - أول آية من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)﴾ [البقرة: ١ - ٢] فهي تفصيل لهذه الآية" (٢).
ومن ذلك ربطه سورة المعارج بمقدمة سورة البقرة، حيث قال: "قلنا من قبل إن سورة المعارج تفصّل في مقدمة سورة البقرة، وبالتحديد فإنها تفصّل في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾ [البقرة: ٦ - ٧]، فبداية السورة: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (٢)﴾ [المعارج: ١ - ٢]، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٥ - ١٧]، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦)﴾ [المعارج ٣٦]، ثم بعد آيات يأتي قوله تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢)﴾ [المعارج ٤٢]، فأنت ترى مما نقلناه أن الكلام في السورة ينصبّ انصبابًا رئيسيًا على الكافرين وعذابهم وأحوالهم" (٣). ويشترك مع سورة المعارج في المحور نفسه من سورة البقرة السور التالية: الأنبياء، ص، غافر، القمر، نوح، الجن، النبأ، عبس، الهمزة، الفيل، وقريش، وأجاب عن سبب ارتباط أكثر من سورة بالآيات

(١) الأساس، ١١/ ٦٧٧٠.
(٢) الأساس، ٥/ ٢٤٢٤.
(٣) الأساس، ١١/ ٦١٢٩.


الصفحة التالية
Icon