همزتين، والهمزتان إذا اجتمعتا في كلمة لزم الثانية منهما القلب بحسب الحركة التي قبلها إذا كانت ساكنة، نحو أَاْمن وأوْتمن، وإِيْذن لي.
فأما المستقبل فتحذف منه المزيدة، لأن اجتماعهما على الشرط المذكور مرفوض عند القوم، وأيضًا فإن إبقاءها يؤدي إلى اجتماع ثلاث همزات في قولك: أنا أُأَأْمِنُ، فالأولى همزة المتكلم، والثانية همزة أَفعل، والثالثة فاء الفعل، فحذفوا الوسطى كراهية اجتماع الأمثال، وأبدلوا الثالثة واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، ثم أُجري الباب على سَنَنٍ واحد في الحذف، وإن كان لا تجتمع ثلاث همزات، لئلا يختلف الباب، فحروف المضارعة أخوات، إذا وجب الحكم في واحدة أُجري الجميع على ذلك، ألا ترى أنهم حذفوا الواو من (يعِد) لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم أَتبعوا الباب ذلك، وإن لم يكن فيه ياء لما ذكرت آنفًا، فإذا قلتَ: يؤمن، وتؤمن، ونؤمن، جاز لك فيه وجهان: الهمز والتسهيل:
وجه من همز: أن يقول: إن هذه الهمزة إنما قلبت في أَأْمَنَ، وأُوْمِنُ كراهية اجتماعهما، وقد زال ذلك في هذه الأمثلة بالخذف، فأردّ الكلمة إلى أصلها وهو الهمز.
ووجه من لم يهمز: أن يقول: إن هذه الهمزة قد لزمها البدل في المثالين: الماضي والمضارع، وهذا القلب الذي لزمها في المثالين إعلالٌ لها، والإعلال إذا لزم مثالًا أُتْبعَ سائر الأمثلة العارية من الاعتلال، كإعلالهم يقوم لقام، وإعلالهم يُكْرِمُ من أجل أُكْرِمُ، وأَعِدُ ليَعِدُ. فأما أُومِنُ فليس فيها إلا قلب الثانية واوًا، لاجتماعهما، فاعرفه.
و﴿بِالْغَيْبِ﴾: صلة للإيمان، كقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ (١)، وقوله: ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ (٢)، وقد يتعدى باللام، كقوله
(٢) سورة يس، الآية: ٢٥.