موضعها نصبًا على التمييز، وذلك قوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ (١)، أي: فَنِعْمَ شيئًا هي، كما تقول: نعم رجلًا زيدٌ، أي: نعم الرجل رجلًا زيد، وكذلك التقدير: نعم الشيء شيئًا، ثم قام (ما) مقام شيء، والكلام يأتي عليها في موضعها إن شاء الله، فهذه وجوه (ما) الاسمية.
فأما الحرفية فستة أيضًا:
أحدهما: أن تكون نافية، ورُتْبَتُهَا أن تكون صدر الجملة، ويحسن دخولها على القبيلين: الأسماء والأفعال.
فأما دخولها على الأسماء: فبمنزلة (ليس) في رفعها المبتدأ ونصبها الخبر في لغة أهل الحجاز، نحو: ما زيد منطلقًا، وفي التنزيل: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ (٢). ومشابهتها لليس من وَجهين:
أحدهما: الدخول على المبتدأ والخبر.
والثاني: نفي ما في الحال، ألا ترى أنك إذا قلت: ما زيد خارجًا، كنت تنفي الحال.
وأما بنو تميم فلا يجعلون لها عملًا، وَيُجْرُونها مُجرَى أخواتها التي تدخل على القبيلين، نحو: هل وبل.
قال صاحب الكتاب رحمه الله في قوله تعالى: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾: وبنو تميم يرفعون إلا مَن دَرَى كيف هي في المصحف (٣).
فإن قدمتَ الخبرَ، أو نقضتَ النفيَ، أو أوليتَها ما يكون مفعولَ خبرها رَفعتَ ليس إلا، نحو: ما منطلق زيد، ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ﴾ (٤)، وما طعامَكَ زيدٌ آكِلٌ، ولولا رَفْعُ آكلٍ لما جازت المسألة؛ لأنك إذا رفعت آكلًا

(١) سورة البقرة، الآية: ٢٧١.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٣١.
(٣) سيبويه ١/ ٥٩.
(٤) سورة القمر، الآية: ٥٠.


الصفحة التالية
Icon