والثالثَ عَشَرَ قوله عز وجل: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ حيث كان في القرآن (١).
والثاني: أن تكون (ما) مع الفعل بتأويل المصدر، نحو: بلغني ما صنعتَ، أي: صنيعُكَ. ونحو قوله عز وجل: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (٢) أي: بتكذيبهم، أو بكذبهم على قَدْرِ القراءتين (٣)، وقولهَ: ﴿كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ (٤)، و ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ (٥). و ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا﴾ (٦) أي: كإيمان الناس، وكإرسالنا، وبئس اشتراؤهم. وكل (ما) أتت بعد كاف التشبيه أو بعد بئس: فهي مصدرية، وفيه خلاف، وستراه في موضعه إن شاء الله.
وقد اختلفوا فيها: فصاحب الكتاب يجعلها حرفًا، وأبو الحسن يجعلها اسمًا (٧).
و(ما) هذه فيمن جعلها اسمًا ليست كالتي بمعنى الذي، وإن كانتا اسمين، لأن المصدرية إنما تُوصَل بالفعل فقط، والتي بمعنى الذي توصل بالجمل المذكورة في الباب، فاعرفه، وعلى كلا القولين لا يعود عليها من صلتها شيء.
ومثل ذلك (ما) الظرف والدوام، ويقال لها أيضًا: (ما) التأبيد والتأجيل. و (ما) المقدار، وذلك نحو قوله عز وجل: ﴿مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ (٨) و ﴿مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ (٩) و ﴿مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ﴾ (١٠) أي: وقت دوام

(١) انظر الآية: ٨٥ من الحجر، والآية: ٨ من الروم، والآية: ٣ من الأحقاف.
(٢) البقرة، الآية: ١٠. وهذه على قراءة أبي عمرو.
(٣) بفتح الياء وتخفيف الذال، أو بضم الياء وتشديد الذال. (انظر الحجة ١/ ٣٢٩).
(٤) البقرة، الآية: ١٣.
(٥) البقرة، الآية: ١٥١.
(٦) البقرة، الآية: ٩٠.
(٧) ذكره عنهما: العكبري في التبيان ١/ ٢٧.
(٨) آل عمران، الآية: ٧٥.
(٩) سورة المائدة، الآية: ٩٦.
(١٠) سورة هود، الآية: ١٠٧.


الصفحة التالية
Icon