قيامك، ووقت دوام إحرامك، ومدة دوام السموات والأرض.
والثالث: أن تكون (ما) كافة للعامل عن عمله، وهي تقع بين ناصب ومنصوب، أو جار ومجرور، أو رافع ومرفوع. فالناصب والمنصوب: (إنَّ) وأخواتها، فإذا اتصلت (ما) بهذه الحروف كفتها عن عملها، ويرتفع الاسم بعدها بالابتداء نحو: إنما زيد قائم. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (١). وقد يجوز أن تجعل (ما) تأكيدًا ويترك ما بعدها على حاله، وينشد بيت النابغة (٢) على وجهين:

٣٠ - قالتْ أَلا لَيْتَما هذا الحَمَامُ لَنَا إلى حمامَتِنا ونصفُهُ فَقَدِ (٣)
برفع الحمَامِ ونصبه، فمن نصب الحمام أعمل ليت في (هذا)، وجعل الحمام صفته، و (لَنا) في موضع خبر ليت. ومن رفع (الحمام) ففيه وجهان:
أحدهما: أن تكون (ما) كافة، و (هذا) في موضع رفع بالابتداء، والحمام صفته، و (لنا) في موضع خبر المبتدأ.
والثاني: أن تكون (ما) بمعنى الذي في موضع نصب بـ (ليت)، وقد حذف المبتدأ من صلة (ما)، تقديره: ليت الذي هو هذا الحمام، فهو مبتدأ، وهذا خبره، والحمام صفة لهذا، وكل ذلك صلة لما، و (لنا) خبر ليت.
فأما وقوعها بين الجار والمجرور فقولهم: رُبَّما رجلٍ أكرمته.
و(ما): تأتي بعد رُبَّ على ثلاثة أوجه:
(١) سورة النساء، الآية: ١٧١.
(٢) هو الذبياني، زياد بن معاوية من شعراء الجاهلية أصحاب المعلقات، وكان كثيرون يفضلونه على غيره، جوّد الشعر في الملك النعمان بن المنذر وهو أول من أوجد شعر الاعتذار.
(٣) البيت من معلقته، وهو من شواهد "الكتاب" ٢/ ١٣٧. وأصول ابن السراج ١/ ٢٣٣، والخصائص ٢/ ٤٦٠، والإنصاف ٢/ ٤٧٩، وانظره مع كامل المعلقة في شرح القصائد العشر للنحاس ٢/ ١٦٩. والتبريزي/ ٣٥٧/.


الصفحة التالية
Icon